متلازمة داون: ما بين الماضي والحاضر

قبل ثمانيات القرن الماضي لم يا يحظى ذوي متلازمة داون بالعناية والرعاية التي يتمتعون بها حاليا إذ كانوا يودعون في بعض المؤسسات المتواضعة في أفضل الأحوال. ومع ذلك لم يحظون بالكثير من الرعاية العامة ناهيك عن التعليم والرعاية الطبية مما كانا يؤدي إلى وفاة الأفراد بمتوسط عمر يصل إلى حوالي 28 عاما*.
في تلك الفترة ترسخت صورة مظلمة عن ذوي دون حيث كان هناك إيمان كامل بأنه لن يستطيعوا تعلم كيفية التحدث أو الكلام فما بالك في تعليمهم القراءة والكتابة! كان هناك اعتقاد أنهم لن يستطيع المشي بصورة سليمة فما بالك بجعلهم _يتعلمون الرياض! كان هناك اعتقاد أنهم لن يتمكنون من ارتداء ملابسهم أو اطعام أنفسهم بأنفسهم أو العناية الذاتية بدون أي مساعدة. باختصار كانت تعتبر هذه هذه الفئة من الأفراد عبئ على أسرهم ومجتمعهم ٫ مما أسفر عن عدم السماح لهم بالتواجد في الأماكن العامة أو حتى في المدارس العامة وبالتالي نبذهم وفقد الأمل لبذل أي مجهود معهم.
ولكن مع نهاية السبعينيات و بداية ثمانينيات القرن المنصرم تغيرت النظرة العامة لذوي متلازمة داون وبدأ الاهتمام بهم يأخذ منحى جديد؛ إذا بدأ ذوي متلازمة داون يتمتعون بحقوقهم الإنسانية والمدنية الأساسية شيئا فشيئا ابتداء من العناية الطبية إلى الخروج إلى المواقع العامة والذهاب إلى المدارس وغير ذلك.
ولكن بعد زيادة الوعي والاهتمام بذوي الإعاقة عموما و ذوي متلازمة داون خصوصا بدأ يلاحظ أن متوسط عمر الأطفال و الأفراد من ذوي متلازمة داون وصل حتى 60 عام* . ولم يكن هذا الفرق الوحيد انه حتى معدلات ذكاء الأفراد ازداد بمقدار 20 نقطة وبدأ يتعلم غالبيتهم القراءة والكتابة والذهاب إلى المدارس العامة و حتى أن بعض الأيقونات منهم استطاع التخرج من الجامعات إضافة إلى تمكن العديد من الحصول على وظائف في أماكن مختلفة.
وقد يتبادر سؤال إلى الذهن ما الذي حصل؟ لماذا كانت هذه الطفرة التطويرية؟ انه الاهتمام ببساطة الذي يبدأ من البحث والدراسة التي تولى إلى هذه الفئة من الأفراد؛ سواء كانت في ما يخص صحتهم او إمكانية تعليمهم او الاسباب الكامنة وراء التغيرات التي يفرضها الكروموسوم الإضافي على هؤلاء الأفراد. بالتالي لولا البحث ولولا العمل الدؤوب لتمكين هؤلاء الافراد ما كنا لنصل إلى هذه النقطة التي وصلنا إليها الآن والتي لازال هناك الكثير من العمل والأبحاث التي بحاجة للقيام بها عبر السنوات القادمة لنحصل بإذن الله على افراد قادرين على الانصهار الكامل. ومن هنا يقع على عاتقنا كما كمنصة متلازمة داون وكل العاملين مع ذوي متلازمة داون بذل اقصى طاقاتهم لتثقيف مجتمعاتنا وحكومتنا في عالمنا العربي بأهمية العمل والبحث العلمي الذي من شأنه رفع مستوى طاقات ذوي متلازمة داون وذوي الهمم أجمالا مما ينعكس على مجتمع منتج متسامح يعيش الجميع فيه بحب بكامل حقوقه المدنية والصحية التعليمية.